التنافس الدولي في القرن الإفريقي

يمكن القول إن طبيعة التفاعلات الداخلية والخارجية المرتبطة بالتطور الجيواستراتيجي لمنطقة القرن الإفريقي قد أسهمت في إعادة صياغتها وتركيبها أكثر من مرة واحدة. فالحروب الأهلية، والصراعات العنيفة علي السلطة، وانهيار مشروع الدولة الوطنية، والكوارث الطبيعية، والتنافس الدولي علي الثروة والنفوذ الذي لم ينقطع يوما واحدا، كلها عوامل أسهمت في صياغة وتشكيل هذا الإقليم المضطرب.

ومن الملاحظ أنه بعد أن وضعت الحرب الباردة أوزارها، أعيدت صياغة خريطة منطقة القرن الإفريقي مرة أخري لتعكس حقيقة سياسات الهيمنة والنفوذ للقوي الأجنبية الفاعلة في المنطقة. وقد تم في هذا السياق صك مفهوم القرن الإفريقي الكبير ليعبر عن المصالح السياسية والاقتصادية والأمنية والاستراتيجية للدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية في شمال شرق إفريقيا، بالإضافة إلي منطقة البحيرات العظمي. وعقب هجمات الحادي عشر من سبتمبر، دفعت الاعتبارات الأمنية ببعض أدبيات التفكير الاستراتيجي الغربية إلي التوسع في استخدام مفهوم القرن الإفريقي ليشمل اليمن، وربما بعض بلدان الخليج العربية.

وبهدف بلورة بعض القضايا الأساسية المرتبطة بالجوانب الدولية للصراعات الممتدة في منطقة القرن الإفريقي ، يجب طرح تساؤلات ثلاثة تشكل محاور أساسية للتحليل، يرتبط أولها بتحديد جملة المتغيرات والعوامل التي تفسر لنا عملية التدافع الدولي المستمر علي القرن الإفريقي. أما التساؤل الثاني، فإنه يشير إلي طبيعة التفاعلات الدولية الكبري وتأثيراتها علي بؤر التوتر والصراع في المنطقة. ويتعلق التساؤل الثالث بديناميات الحركة الدولية ومستقبل المنطقة من الناحية الجيوبوليتيكية، فكا وتركيبا
المصدر
مجلة السياسة الدولية
العدد176 لسنة 2009